ثمانون
سليمان الفرزلي
11 / 12 / 2017
ثمانون عاماً أصبُّ الحبرَ في الورقِ
وأُعمِلُ الفكرَ في نومي وفي أرقي
فكم سهرتُ ليالٍ لا أبارحها
أضمِّخُ الحرفَ مسكاً فاحَ بالعبقِ
وما جنيتُ كثيراً من منافعها
سوى ما حلَّلَ الله بالجهدِ والعرقِ
يا أسرعَ الحاسبين*، صرتُ اليومَ
محتسباً، اليه، فلا خوفي ولا قلقي
أبسط يمينك لا تبخل على أحدٍ
واذهب بعيداً فلا تخشَ من الملقِ
فلكم كثُرَ القليلُ لكلِّ منفتحٍ
كما قلَّ الكثيرُ لكلِّ منغلقِ
كثُر القليلُ لأنَّ الحبَّ باركه
كنفحةِ العطرِ تمتدُّ في الأفقِ
للاَّدغين لا أرجو لهم لَدَغاً
فما دنت طُرُقُ الأشرار من طرُقِي
عتقُ الرقاب للمسترحمين منى
فليس همِّي مع الأيام في عَتَقِي
عتقتُ نفسي بنفسي من بدايتها
بعيداً عن زحامِ الناسِ في النفقِ
كتبت هذه الأبيات يوم بلوغي الثمانين من العمر في الحادي عشر من شهر كانون الأول / ديسمبر من عام 2017*
“وقد كانت العرب قديماً تطلق على الشخص الذي يدخل في العقد الثامن من عمره “أسرع الحاسبين.
خمسٌ وثمانون
11 / 12 / 2022
في هذا اليوم، الحادي عشر من كانون الأول / ديسمبر 2022 ، أكون أكملت الخامسة والثمانين من العمر. وكنت عند بلوغي الثمانين قبل خمس سنوات قد كتبت أبياتاً من الشعر في تلك المناسبة مطلعها:
ثمانون عاماً أصبُّ الحبر في الورق
وأُعمِلُ الفكر في نومي وفي أرقي
(نصُّها الكاملُ أعلاه)
وفيما أنا أتفكَّرُ بشأن بلوغي الخامسة والثمانين، بعد أزمةٍ صحيَّةٍ شغلتني عن أي أمرٍ آخر، مرَّت ببالي، وأنا على سرير المرض في المستشفى، قصيدة للشاعر الأميركي إدغار آلين بو كنت قرأتُها في الجامعة قبل أكثر من ستين عاماً عنوانها “الغراب” يقول فيها:
“آه ها أنا أتذكر
حدث في يوم معتم
من أيام كانون الأول المظلم”
ونصُّه بالإنكليزية:
Ah! I remember
It was in the bleak December
وها أنا ذا على العتبة الأخيرة من الحياة أجدني أكتب بهذه المناسبة الأبيات التالية بعنوان “خمسٌ وثمانون”:
خمسٌ بعدَ ثمانين لا رجوع لها
فما دام منها لنا غير صحبتنا
مضى بنا الوقت نسعى في مناكبها
لا شيء يرفدنا غير همَّتِنا
حتى الحياة، وقد غادرنا بهجتها
عتبت لغضِّنا الطرف وهي تبهجنا
عصفت بنا الأيام عصفاً من رزيَّتِها
ونحن كالطودِ لا عصفَ يكسرُنا
سقتنا بكلِّ مُرٍّ من عصارتها
حتى انثنت ولم تكسرْ إرادتنا
رمت بكل سهمٍ في كنانتها
ودرعُنا الواقي صونُ عفَّتِنا